كيف ينجو الإنسان في عصر التشتت؟
لا تطاردنَّ شغفك، ولا تتبعنَّ داعي الربح أيضاً؛ بل ليكن حرصك على اكتشاف “ميزتك التنافسية”.
مطاردة الشغف لا تصح إلا للأغنياء وذوي اليسار، الذين ضمنوا جميع حاجاتهم، حتى فاض لهم من بحبوحة الوقت والمال ما يسَّر لهم الاشتغال بما يحبونه.
ودورانك مع الربح أينما دار وهمٌ وسراب أيضاً، لأنه قد يورطك في الابتذال والتفاهة، وأن تصير قراقوزاً في عيون الأذكياء، بلا ضمانة لبلوغ مرامك. والحصيف لا يشتري محبة ألف جاهل بخسارة احترام عاقل واحد.
والأصح بين هذين النهجين أن تقف على ميزتك التنافسية، وتعرف ما تحذقه بالسليقة وتبز فيه أقرانك -وما من أحد تحت السماء بلا موهبة- ثم تجرِّب وجه الاستفادة من هذه الميزة، ثم تسخِّر لها جِماع جهدك وتصميمك، حتى تأكل ثمرتها وتدر لك دَرَّتها.
ومهما كانت ميزتك التنافسية فلسوف تصير إلى شغف يدر عليك المال، دون أن تبدد حياتك وراء شغفٍ من غير طائل، أو تهين نفسك من أجل الدولار والدرهم.
قد يهمس لك شيطان التشتت، ويقول:”إن كنت قادراً على التعلم، فاقصد إلى ما يجلب الثروة”. وربما داعب غرورك قائلاً: “إن كانت لك إرادة، في وسعك أن تكون ما تشاء!”.
ضع إصبعيك في أذنيك مثل أوديسيوس، ولا تنصت لهذه الوساوس، إنها فخ شيطاني؛ من يظن أن يكون كل شيء لن يكون شيئاً قط. والثروة ليست هدفاً في ذاتها بل هي ثمرة من ثمرات الإنجاز، والإنسان لا يصبر على إنجاز إلا ما تيسَّر له.
إن كنتَ تحذق صيد السمك، فلا تمتهن الوساطة العقارية، حتى وإن كانت “السمسرة” أدرَّ ربحاً؛ لأنه أربح لك أن تكون صيَّاداً عظيماً من أن تكون سمساراً عادياً.
Like
0
Liked
Liked
